الاثنين، نونبر 10، 2008
....وفـاز اوبــامـــا
كما توقعنا وتوقع الكثيرون فاز اوباما ، باراك اوباما كان ذكيا في حملته وحاول أن يرسم صورة مغايرة عن تلك التي بقيت عالقة لدى الأمريكيين عن السود ،السود المتعصبون والمنفعلون بسرعة،الأمريكيون شعب يأخذ معلوماته كلها من الإعلام ،الإعلام الذي أعطى صورة عن صدام وعن بن لادن ويعطي صورة عن المسلمين وهو أيضا الذي أعطى صورا عن السود الذين لم يكن لهم حق التصويت في الانتخابات قبل بضع عقود ،فإلى حدود الستينات والسبعينات من القرن الماضي كان السود يعانون الأمرين .اوباما جاء ليحقق حلم'' لوتر كنغ '' ،اوباما بدا هادئا في خطاب النصر في شيكاغو وكذلك كان في مناظراته الثلاث مع ماكين وحاول كسب عطف الأمريكيين فحسب بل وحتى بعض الشرقيين والأوروبيين والأسيويين ....،أمريكا تعطي درسا آخر من الديمقراطية مغايرا لما شهده العالم خلال سنوات بوش الثمانية في السياسة ،الأزمة المالية كان لها أيضا دور في انتخاب اوباما إذ بلغ السيل الزبى لدى الأمريكيين المقترضين ،بوش خلف أزمات شتى وهو بذلك عن قصد أو دون قصد كمن يصنع فخا للرئيس الجديد ،عموما وحسب ما رأيت فالجمهوريون يشعلون الحرب والديمقراطيون يحاولون إطفاءها ،فبوش الأب أشعل فتيل حرب الخليج الثانية وجاء كلينتون ليقوم بدور الاطفائي وتهدئة اللعبة لثمان سنوات مع انزياح طفيف أواخر التسعينات إبان الهجوم الخاطف على العراق ،ثم يأتي جورج دبليو بوش ليشعل بعد الحادي عشر من شهر 9 حربين وليس حربا واحدة ،حربين محفوفتين بإ ديولوجية مبتدعة سماها المحافظون الجدد الحرب على الإرهاب ،إذ أصبحت أمريكا تلعب دور شرطي يستعمل السلاح عادة في قمع المظاهرات ،لكن مقاس قبعة الشرطي أصبح صغيرا على أمريكا ووقع انفلات عند المتظاهرين المسالمين وجاءت الأزمة الاقتصادية التي كانت النقطة التي أفاضت الكأس كاس الغضب الشعبي الأمريكي وبذلك عاقب الناس الجمهوريين كما عاقب المغاربة الاشتراكيين في السابع من شهر تسعة سنة 2007 ،لأنهم لم يلتزموا بما عنه تكلموا في حملتهم طوال عشر سنين عجاف بينت ضعف المنظومة السياسية المغربية .
السياسة لعبة غريبة جدا وخطيرة جدا وهي تقتضي نوع من الدهاء المصحوب بصدق في الواقع وعلى الأرض وليس على الهواء عبر شاشة التلفزة . فالناس يفهمون السياسة لا كما يفهما السياسي نفسه وبالتالي فهم لن يعاقبوه بالتصويت لغيره فحسب (كما في أمريكا)بل أيضا بمقاطعة الانتخابات بالكل (كما في المغرب ،فالناس لا يهمهم أن تكون فصيحا وترتدي بدلة جميلة ورابطة عنق أنيقة وتتكلم بلغة لا يفهمها جل المغاربة بل يهمهم أكثر أين سيدرس أبناءهم الصغار؟ وأين تذهب نساءهم ساعة المخاض؟ وأين سيعمل بعد التخرج الكبار؟
إذن فالتمظهر السياسي خاص فقط بالسياسيين فيما بينهم وليسا خاصا بالسياسي في علاقته بالمجتمع المدني إذ لكل خطابه وغاياته وخطاب المجتمع أكثر واقعية من السياسيين خاصة في الإعلام قبيل الاقتراع فالعمل السياسي يقتضي المقاربة المجتمعية والعمل المتواصل لكي يلتقي الاثنان في الوقت نفسه .
أتمنى أن تستفيد بعض السياسات العربية من التصويت على اوباما وتتعلم الدرس كيف تكون السياسة تنظيما ولو ظاهريا على الأقل.
نورا لدين البيار
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق