الاثنين، فبراير 16، 2009

ساعتان في المعرض





في زوال أمس الأحد قررت زيارة المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدر البيضاء ،في مكان محاذي لمسجد الحسن الثاني كانت تنصب خيام بيضاء ،وكان الناس يزد حمون لأخذ تذكرة الولوج إلى المعرض!! والتي حددت في 5 دراهم للأطفال والطلبة و10 دراهم للكبار في السن طبعا،بصعوبة حصلت على ورقة للكبار مع العلم أنني طالب في البطاقة الوطنية ،أعطاني ورقة طويلة كتب عليها رقمين 1 و2 أعطيتها بدوري لرجل يقف في الباب الأول ،قطع الأولى وسلمني الثانية ،هناك باب ثاني إذن ،في البدء شعرت بغبطة كبيرة وأنا أرى كل هذا الكم من الكتب ،لأني مغرم بالكتب ،في الممر رأيت شخصا يضع على فمه ورقة كالتي كان يضعها سكان آسيا عند ظهور السارس! ،تعرفونه طبعا ،أمامه كتاب كتب عليه ،الكتاب الأسود في تاريخ اتحاد كتاب المغرب ،هو كاتب إذن ،له مشكلة مع الاتحاد ويتظاهر بالصمت ،في جناح الدول العربية اقتنيت رواية جديدة وعرجت على باقي الرواقات في جناح العراق كانت كتب الشيعة ظاهرة ،في وسط المعرض سنغالي يلقي محاضرة باللغة الفرنسة ،السنغال ضيفة الشرف ،كتاب متفرقون هنا وهناك منهم من سيوقع كتابا ومنهم من يشرح فحوى كتاب ،في قاعة محمود درويش كانت تدور ندوة حول الأدب والهجرة ،الحاضرون لم يكونوا كثرا ،وهذا الأمر يحدث دائما كلما تعلق الأمر بمطرب أو مطربة يحج الناس بالآلاف بينما في حضرة الأدب العدد يخجل ،كتاب الندوة كانوا حوالي ثمانية أشخاص منهم من يتكلم بالفرنسية ومنهم من يتكلم بالعربية منهم من هو حاضر بالفعل ومنهم من هو مهاجر لغويا إلى فرنسا ،التي يصر كتابنا على الهجرة إليها ،سواء سرا أو بشكل قانوني ،لم اجلس أكثر من نصف ساعة ،أحسست أن الندوة لا تعنيني ،مثقفونا يعانون استلابا بروتوكوليا ولغويا مخيفا ،وربما هذا يفسر قلة الجمهور داخل القاعة ،
خرجت وصديقي الذي التقيت به هناك لنقوم بجولة في المعرض ،علنا نعثر على بعض الكتب القديمة الجميلة والأنيقة لغويا ،صديقي اخبرني انه لا يقرا كتب المحدثين لأنهم حسب رأيه غير صادقين ،قلت له :دعنا نبحث عن الجاحظ والمتنبي فعلا اشتريت ديوان المتنبي وكتابا للجاحظ وكتابا للمعري ،رغم سعر الكتب المرتفع ،الغريب أن الكتب تمنها مرتفع وبعض البائعين لا يقبلون المساومة ،فهم أكيد يراهنون على المعرض بحكم قلة إقبال الناس على القراءة وتكفي نظرة واحدة عل مقاهي البيضاء في مباراة عصبة أبطال أوربا ليتضح السبب ،لماذا العزوف عن القراءة ؟،ابحث عن مقال عن أزمة القراءة داخل القصيدة فقد تجد الجواب ،كانت الكتب القديمة رغم المنافسة هي التي تباع أكثر من غيرها ،كتب الأدب والشعر القديم والفقه والعقيدة والحديث والنوادر واللغة ، وبعض الروايات...في كتب الأدب القديم أجد ضالتي ،لأنني اقرأ وأنا مرتاح لغويا لان كثرة الأخطاء الشائعة في الكتب الحديثة تشعرني بالرغبة في العزوف عن القراءة ،ولم يعد المثقف مع الأسف يتكلم بجرأة الأديب العارف ،بل دخل الكاتب في لعبة السياسة واستحالت الصور الشعرية أصواتا منتحبة تارة ومنتخبة تارة أخرى وأصبح الكاتب كاتبا للفرع ، وأصبح الفرع مكانا للدرس عوض القسم وأصبح الدرس مملا ،وأصبح الملل مهنة المعطلين والشباب وأصبح الشباب اليوم أكثر عزوفا عن قراءة الكتب وأصبحت الكتب أغلى من تمن كيلو اللحم عند الجزار ،وأصبح المثقفون أكثر عزلة وأصبحت طباعة كتاب كابوسا ، وأي كابوس النتيجة عزوف عن الكتابة والقراءة ،
السؤال: ما العمل ؟ يجب تشجيع الأطفال على القراءة مند الصغر وليس في فترة المراهقة يجب أن نربي جيلا قارئا من الأقسام الأولية وليس جيلا يتابع الرسوم المتحركة راميا محفظته في المطبخ ،المسؤولية على عاتق الجميع المعلمون والآباء والوزارة الوصية والإعلام ،الإعلام هو الوسيلة الفعالة في توعية الشباب أو تكليخه ؟ بكثرة المسلسلات ،والسهرات ،
اليوم ما تزال في القراء بقية لكن غدا من يدري قد لا تبقى تلك البقية ،وتتحول معها الهوية ،إذا لم نقم فعلا بما يجب القيام به في اقرب وقت ممكن ،حتى تعود المكتبات كما كانت وتعود الكتب إلى البيوت التي هجرتها منذ زمن
.
نورالدين البيار