الأحد، يونيو 01، 2008

أزمة القراءة ج1


كانت أول كلمة نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم هي اقرأ ،وكان هذا أمرا للرسول بالعلم
اذ لا يبدأالعلم بدون قراءة والقراءة أولى خطوات العلم والتعلم بل والتطور والازدهار والرقي ،ولا حظ لأمة لا يقرأ اهلها ،
لكن في السنوات الاخيرة اصبح مستوى القراءة على المستوى العربي يبعث على الخوف ،لأن مستقبل هويتنا مرتبط بمستوى هذه القراءة وواهم جدا من يعتقد خلاف ذلك .
نحن في عصر العولمة ومطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن نعيد النظر في علاقتنا بالكتاب
وعلاقة القراءة بصورتنا بوصفنا عربا ومسلمين وأي أزمة أو خلل في علاقتنا مع النص واللغة بوجه عام سينعكس علينا ككيان تشكل اللغة أهم مقوماته بعد الدين ،اما علاقة اللغة مع الدين فتشكل خصوصية يجب أن نأخذها بعين الاعتبار ،لأن اللغة تحتل مكانة كبيرة من قبل وحتى بعد مجيئ الإسلام اذ هي لغة القرءان الذي يعود له الفضل في صيانتها والحفاظ على ديمومتها ،ومن هنا يمكن ان نخلص الى ارتباط بالعنصر المؤثر الكبير في الهوية وهو الدين ،اذن فمكونات الكيان العربي التأسيسية في العروبة والدين الاسلامي ذات صلة وجودية مع اللغة .
تشير الاحصاءات التي صدرت عن منظمة اليونسكو الى تدهور خطير في معدل القراءة لدى العرب بشكل عام ولا يكاد المعدل يتجاوز كتاب واحد لكل 300الف شخص في المنطقة العربية .واذا اخذنا للمقارنة بلدا اوربيا صغيرا كبلجيكا التي لا يتجاوز تعدادها 9 ملايين نسمة فإننا نجد أنه يستهلك من انتاج الكتب والقراءة اكثر من ثلاثمائة مليون عربي.
بالطبع هذه الارقام عمليا نجد تاكيدها في حياتنا الثقافية فمستويات كتاب مشهورين في الرواية والقصة تعدارقامهم بالمئات ،أما في الشعر فحدث ولا حرج اذ لا يبيع الناشرون من الدواوين ما يغطي كلفة الإنتاج للغالبية العظمى من الشعراء الامر الذي دفع بالغالبية لدعم دواوينهم شخصيا وانا مازلت لم انشر ديوانا حتى الان ،
وهناك ظاهرة لافتة في هذا الميدان وهي تحول معارض الكتاب في العالم العربي الى سوق لبيع الكتب بل وسوق اساسية باعتراف الناشرين انفسهم بمعنى الاختفاء التدريجي لدور المكتبات كسوق مهمة وطبيعية لبيع الكتب .ولهذا الامر دلالة كبيرة لأن المعرض هو تظاهرة اجتماعية احتفائية بالكتاب كسلعة تضمن له تسويقا لدى المستهلك ،وان الكتاب اليوم صار بحاجة الى مثل هذه التظاهرة لكي ينتقل الى يد المستهلك في حين ان معارض الكتب في الاساس ليست مخصصة للبيع كما نعلم ولا أدل على ذلك من معرض فرانكفورت الشهير للكتاب الذي يظل مخصصا لعقد الصفقات مع الناشرين وللترجمة بين اللغات.
يحمل هذ التحول في عالمنا العربي مؤشرا خطيرا يؤكد التدهور الحاصل في علاقة القارئ مع النص الامر الذي سيكون كما ذكرت آنفا سيكون له الاثر السلبي على بلورة الشخصية العربية وحضورها بوصفها كيانا في هذاالقرن 21 المحفوف بالمخاطر والتحديات وفي الجزء الثاني سنتحدث ان شاء الله عن خصوصيات الكتب الاكثر اقبالا وعوامل ضعف القراءة ودور الإعلام في المجال وكذا القراءة في ضوء العولمة .

نورالدين البيار

ليست هناك تعليقات: