الثلاثاء، أكتوبر 21، 2008

لصوص آخر النهار








كانت الساعة تقريبا تقترب من التاسعة والنصف من ليلة أمس عندما عدت إلى البيت الذي أكتريه رفقة صديق في العمل وحسب ،لكنه كان يضمر أكثر مما يظهر كحرباء وقفت على قوس قزح مرسوم على ورقة بيضاء ،
لم يخبرني وأحسست أنه ينوي على شيء ،إحساسي دائما صادق وأحمد الله عليها نعمة .
كان غريبا في أطواره الأخيرة قبل أن يأخذ الذي ليس له (وصعب أن يتعود الإنسان اخذ ما ليس له مصرا انه له)
عندما تمنح أحدا ثقتك ثم لا يكون أهلا لهذه الثقة يصعب فعلا عليك تجديدها ،إذ يجب توخي الحذر .
ليس سهلا أن تجد صديقا، في الشغل فحسب،أو مجازا كصديق يستطيع أن يقطع كل الوعود التي لم يف بها لماما.
دخلت الغرفة فوجدته قد جمع كل شيء ولم يبقى إلا بعض أغراضي الواضحة ولم يدع حتى عود ثقاب ،لا يمكن اتهامه بالجشع أو البخل ولا تشبيهه بلص مبتدئ يحاول إرضاء سيده المحترف ،ولا بنار لا تدع خلفها شيئا .بل حتى فرشاة الأسنان التي يمكن وصفها أنها اصغر إيقونة في المنظومة البيتية التي كانت تربط معاوية بشعرته الشهيرة إذا انقطعت لم يعد له شيء لكنه قطعها بغباوة مكشوفة وتخلف صارخ ،أضحكني أكثر ما أبكى غيري.ولست ألومه لجهله بكتب الأدب وفي كليلة ودمنة خبر شبيه بخبره .وقديما قالوا:* يمكن أن تحفظ الأحمق من كل شيء إلا من نفسه* وكذلك كان لم يمت جسده ولكنه مات نفسيا وذاب في دهاليز الغموض المؤدي إلى سرداب الخيانة الصغرى .
كانت إذن حكاية تذكرني صديقا آخر في مراكش في المرحلة الجامعية كنا أربعة فاختفى واحد لظروف قيل ألمت به .والتاني قرر في إحدى الليالي أن يرحل دون سابق إشعار فترك لنا ورقة أنا وصديقي محمد كتب عليها الآية :*وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين *(الأنفال 58) . وشتان بين كاتب الآية في مراكش ولص البيضاء فما كان مني إلا أن اكتب تحت السطر منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة تم صرفكم عنهم ليبتليكم .
فالحمد لله الذي صرفنا عن رفقاء السوء و رحم الله شهداء أحد ورحمنا وإياكم من رفقاء السوء ولصوص آخر النهار بل وآخر الزمن . إلى اللقاء .


ملحوظة اللصوص مكفول لهم حق الرد شريطة أن يكون بالعربية الفصحى .



مقتطف من يوميات طالب شاعر
نور الدين البيار