الثلاثاء، أكتوبر 15، 2013

خروف العيد


كبش أقرن يشبه كبش جيران سي احمد


بعيدا عن ضوضاء المدينة الكبيرة ومحطات الحافلات المكتظة ،وسكة "الطرام" والقطار ،هناك في عمق الجبل ،السي أحمد يفكر مليا في خروف العيد ،لايهمه ما يقول السياسيون أكانوا أغلبية أو معارضة حول المقاصة ،ولا يهمه الأزمة السورية أو الملف النووي الإيراني بقدر مايهمه ،المصروف ،،،المصروف هو الأزمة وأخطر من أي أزمة تهدده، فأبناءه الأربعة يحتاجون إلى التطبيب ، ويحتاجون إلى الكتب والأدوات المدرسية ...ويحتاجون الى أشياء أخرى ضرورية.
قبل العيد بشهر وكوابيس الخروف أو"الحولي" تسيطر على  مخيلة السي احمد ،عمله البسيط لايكفي لشراء "حولي" أو حتى "حولية"
خاصة أن بعض جيرانه الله يسمح ليهم، بلغ منهم المظهر مبلغه ، وكل عيد يصرون على زف كبشهم الأقرن أمام مرأى ومسمع من زوجة وأبناء "المعلم" احمد ،وهو ما يؤثر على رغبة أبناء احمد في خروف أقرن أيضا .
ونسي جيران السي احمد أن الله لن يناله لحومها ولا دماؤها ،بمعنى أن الحجم في ميزان الآجر ،لايفيد حتى ولو كان الكبش بحجم الفيل ،وهو ما لا تستوعبه زوجتا الجار والمعلم احمد وكثير من الناس مع الأسف .تجد الناس يسعون سعيا للحصول على القرنين ،حتى لو اضطرهم الأمر لاقتراض ثمن يدفعون أقساطه طوال العام .
وجاء اليوم الذي قرر فيه السي احمد شراء الخروف ، قبل العيد بأسبوع، دخل السوق المؤقت المفتوح على هامش مدنته الصغيرة ،الناس يحجون من جل شرطة في الباب ،سيارات خاصة مختلفة ،اكتظاظ مميت ،"كلاكسون " متكرر !، عربات مجرورة أكباش تخرج صياح هنا وهناك،لصوص متربصون ،وصل "الرحبة" عند أول "كساب" صادفه ،وضع يده على  أول خروف ،بشحال هذا ؟طرح السؤال على الرجل ،3000 درهم ،دون أن يعقب ،غادر السي احمد المكان الى مجموعة أخر تبدو أصغر حجما ،تبا تحسس جيبه ،مازالت الألف وخمسمئة درهم في مكانها.

بحث هنا وهناك مليا ،لعله يجد خروفا رخيصا ،لكن المبلغ الذي في جيبه ليس كافيا لشراء قرنين أو خروف 

أقرن،ولم يلتق أحدا يعرف يمكنه أقراضه ومن يقرضه في هكذا أيام عصيبة .

قرر السي احمد مغادرة السوق ليفكر مليا في هذه المهمة  المستحيلة في هذا الزمن المتعب بالفواتير لكنه عند


...الباب وجد خروفا صغيرا من غير قرووون 

....يلعن صاحب الشرطة والسوق وبائع الخراف الذي رفع الثمن عنوة ،خارجا من باب السوق هذا المسكين

 وفي جيبه بقايا تاريخ وسنة مؤكدة تسمى عيد الأضحى، ضيعتها المظاهر وأصحاب المال وشركات القروض، 

ترى بما سيجيب أولاده لو سألوه عن هوية الخروف الأبيض الذي لا يشبه خروفهم للعام الماضي، هو قطعا 

اشتراه من السوق لكنه قد لايستطيع إقناع أبناءه ،بأنه لم يشتر لهم خروفا صينيا ،نظرا لثمنه المتواضع في 

!  عرف الجيران قياسا على خروف السي فلان الذي اشتراه بستة الآف درهم

نورالدين  البيار