السبت، أبريل 19، 2008

الداخلون بالحسنى والخارجون بالمعروف




يختلف الدخول إلى عوالم متعددة من شخص لآخر حسب القناعات والمرجعيات كما يختلف بتغير الأحوال من فرد لآخر إذ ظروف الدخول تختلف باختلاف المتغيرات،وكذلك الخروج.
مازلت أذكر أول يوم دخلت المدرسة رفقة أخي وعمري لا يتجاوز خمس سنوات ،أذهلني دخول المعلم وقيام التلاميذ له ،كما أذهلتني فوضى الخروج بعد نهاية الدرس ،لن أنسى دخولي الجامع أول مرة لحفظ القرءان الكريم في الألواح ،وأنا صغير كنت أخاف من العصا التي كان يتحدث عنها الأطفال .لكنهم أدخلوني فلم البت أن الفت المكان حيت أصوات الطلبة الذين يقرءون القرءان بصوت مرتفع كل في لوحه، ورائحة الحصير والتراب المنبعثة من ارض المقصورة ،دخولي أول مرة كان جميلا وما يزال عالقا بالذاكرة إلى الآن .
دخولي الشاطئ أول مرة وأنا تلميذ في السنة السادسة ابتدائي أربك أحاسيسي، رؤية البحر أول مرة شيء رائع، كل الأشياء الجميلة التي نصادفها في حياتنا تكون رائعة من أ ول نظرة، ليت الحياة كلها نظرات أولى.
دخولي الجامعة لايختلف إحساسه عن أشياء أخرى لكن الخروج كان مزعجا خصوصا إذا ارتبط بمستقبل غامض وواقع غريب . لايتبين ا لداخل( للحرم ) الجامعي ملامح دخوله إلا بعد أربع سنوات وخروجه يخلف شعورا آخر لا علاقة له برؤية البحر أول مرة أو المدرج أو حتى السبورة .
دخول السوق الأسبوعي أو سوق الخضار بالحي الشعبي يخلف إحساسا غريبا حيث تعزف السيمفونية المغربية بشكل ارتجالي على إيقاع أصوات الباعة الذين يحاول كل واحد منهم إقناع الداخل بشراء بضاعته ،لكن الداخل يبحث دائما عن الأرخص ليخرج بكيس أو قفة ممتلئة ، مفرغا ما في جيوبه من دراهم بشكل عفوي.
دخول الحافلة في أيام مضت شكل لي كابوسا حيث رائحة البنزين تصيب بالغثيان وفرملات السائق السكران تصيب بالدوار، وحوار المسافرين لا يبرئ الجراح المرتقبة.دخول القطار مختلف، كان طويلا ومزدحما وسريعا لكنه يبقى أجمل من الحافلة الكابوس.
أماكن مختلفة وأزمنة دخول وخروج،لكن يبقى الدخول في حوار مع شخص متعالم أصعب مما ذكرت .
لم ادخل القفص الذهبي بعد، لكن غموض الطرف الآخر أحيانا يجعلني أتريث قبل الدخول الذي كلما ذكرته اشعر بالخوف، يبدو الأمر مختلفا حيث إن الدخول إليه مرتبط بكل ما ذكرته آنفا ، الدخول صعب والخروج أصعب .
لم أجرب الدخول إلى البرلمان ولا أظن سأستطيع لأن دخوله ليس سهلا بما فيه الكفاية ومعايره غريبة لكنه من نوع خاص إذ فيه لا يكون الدخول بهدوء ،بل غالبا ما يكون مصحوبا بأصوات كثيرة ،هناك أماكن وأزمنة وهناك متغيرات وثوابت لا دخل لنا بها والى أن نلتقي أدخلنا الله بالحسنى وأخرجنا بالمعروف .


نور الدين البيار

ليست هناك تعليقات: